الـقـرآن

الحمد لله الذي انعم على المؤمنين بالقران .. وحفظه بحفظه من التحريف و الزيادة و النقصان ..أشهد أن لا اله الا الله ..وحده لا شريك له .. نزّل القرآن ليكون للعالمين بشيرا و نذيرا .. و أشهد ان سيدنا و حبيبنا محمدا عبده و رسوله .. أرسله الله بالقرآن حكمة و تدبيرا .. وداعيا الى الله باذنه و سراجا منيرا .. اللهم صل و سلم عليه ما نطق بالتوحيد لسان.. و ما عمر قلب بإيمان..و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان..
أما بعد يا أهل القرآن ..
و يا أمة القرآن.. ما حالنا مع القرآن.. يا أمة القرآن .. ما صلتنا بالقرآن .. كم نخصص من وقتنا لقراءة القرآن .. وهو كلام خالقنا .. و هو الصدق عين الصدق .. وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا .. وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا .. وهو المنزول لنا .. مقروء بلساننا .. وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ .. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ .. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ .. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ .. القرآن عربي .. بلسان عربي.. إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ..فكلام ربنا منزل لنا..نحن المعنيون بالوحي و التنزيل.. وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ..لتنذر اهل مكه .. و ما حول مكه ..من الخليج الى المحيط .. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ يا محمد .. و يا أمة محمد .. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ .. نعم .. ليوضع في الرفوف .. ليقرا على الاموات .. ليفتح من رمضان الى رمضان .. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ .. لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ .. وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ .. و نحن في النهار.. إما مستغرقون في الاعمال ..أو جالسون في المقاهي .. نشكو الى الله فراغ أوقاتنا .. و نحن في الليل ..سامرون امام تلفزاتنا .. ثم غارقون في منامنا .. فاين المتدبرون .. أين الذاكرون .. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ.. فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ .. هل من متعض .. هل من متذكر .. إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ.. وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ .. هل من متوقف أمام هذه الايه .. فيجعل بعضا من اهتمامه بالدنيا لاهتمامه بالاخرة .. هل من متذكر .. يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ .. اللقاء قادم .. فماذا أعددنا لهذا اللقاء .. و السؤال وارد .. فماذا أحضرنا لكل سؤال .. القرآن بيننا .. الذكر الكريم بيننا .. فماذا نقول لربنا .. وقد حذرنا .. فانزل على حبيبنا محمد ..صلى الله عليه وسلم .. بقوله .. فَاسْتَمْسِكْ يا محمد .. فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ , إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .. وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ .. تسالون عن القرآن هل تدبرتم آياته .. هل طبقتم ما حوى من أوامر ربكم .. هل هجرتم ما نهى عنه خالقكم .. هل جعلتم من القرآن حكما يدير أمور حياتكم .. هل تلوتموه بالليل والنهار .. تفكرا و تدبرا.. عثمان بن عفان .. رضي الله عنه ..ثالث الخلفاء الراشدين ..و احد العشرة المبشرين بالجنه .. وزوج رقية وام كلثوم بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال لَوْ أَنَّ قُلُوبَنَا طَهُرَتْ , مَا شَبِعَتْ مِنْ كَلامِ رَبِّنَا , وَإِنِّي لأَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيَّ يَوْمٌ .. لا أَنْظُرُ فِيه الى كتاب الله .. و اننا اليوم لنعجب حين نعلم ..ان الامام الشافعي .. يختم القرآن في كل ليلة ختمة .. وفي الشهر ثلاثين ختمة .. فاذا جاء رمضان .. ختمه في كل ليلة ختمة ..و في كل يوم ختمة .. فيختم في رمضان ستين ختمة .. ابي بن كعب .. سيد القراء .. الحافظ لكتاب الله .. الشجي في تلاوته .. المرتل للقرآن بالليل و النهار ..نزلت سورة البينة ,على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا .. و معها أمر من الله تبارك و تعالى .. ان يكون اول من يسعمها أبي بن كعب .. فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لحظتها الى منزل ابي .. قال له يا ابي .. إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا.. قال ابي ..ربما قالَ اللهُ لك اقرَأْ ها على أحدِ أصحابِكَ, فأنتَ اختَرتَني .. قال لا .. الله سماك باسمك.. قال أبي .. الله سماني لك .. الله اختارني من كل المخلوقات ليتكلم باسمي .. قال نعم .. فبكى ابي .. وفي السورة .. قول الله تبارك و تعالى .. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ..أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ.. جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ.. تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ..رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.. ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ { ايها الموحدون وحدوا الله } أهل القرآن .. المتمتعون بتلاوة القرآن ..آناء الليل و أطراف النهار .. ابو موسى الاشعري .. مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزله ليلا .. فسمعه يرتل القرآن .. فجلس بجانب بابه ينصت اليه .. و بعد صلاة الصبح .. نادى في الصحابة .. أين ابو موسى الاشعري .. فتقدم اليه ابو موسى .. قال يا أبا موسى .. لَوْ رَأَيْتَنِى وَأَنَا أَسْمَعُ قِرَاَءَتَكَ الْبَارِحَةَ ، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ .. فَقَالَ : يا رسول الله .. لَوْ عُلِّمْتُ , لحَبَّرْتُهُ لَكَ تَحْبِيرًا.. سلفنا الصالح .. تعهدوا القرآن .. ولزموا القرآن .. والتزموا بآياته ..واتخذوها أحكاما .. فأصلحهم القرآن .. و لو تأملنا ..من أول من نزل عليهم القرآن .. نزل القرآن على قبائل .. كانت الاغارة و السلب لهم شرفا.. و كان العقل عنهم غائبا .. ينحتون الاحجار ثم يسجدون لها .. و جاء القرآن .. نزل نورا وضياء ليبدد ظلمة الجاهلية .. كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ .. و جاء القرآن .. كتاب هداية .. ليرسم طريق العزة و الرقي .. إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ .. للتي هي أصوب ..و اقرب الى رفعة الامه .. فحمل القرآن اهله من ضعف إلى قوة، ومن فرقةٍ إلى وحدة.. ومن ذلةٍ إلى عزة، ومن سفاسف الأخلاق إلى مكارمها، ومن مساوئ الأفعال إلى محاسنها.. هذا هو كتابنا .. هذا هو قرآننا .. فان أردنا العيش الكريم .. فبالعودة اليه ..و ان أردنا العزة في الحياة فبالرجوع اليه .. ولا منعش لاقتصادنا ..و لا مخفض لأسعارنا .. ولا مكثر لأقواتنا .. الا بالعودة لهذا الكتاب العظيم .. ونحن المأمورون .. من رب العالمين أن نعمل بما في هذا القرآن .. ونحن المأمورون من رب العالمين .. أن نتبع هذا القرآن .... وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ .. فَاتَّبِعُوهُ .. وَاتَّقُوا .. لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.. اللهم ارحمنا بالقرآن .. واكرمنا بكرامة القرآن .. واجعله لنا هدى و رحمة في الدنيا وفي يوم الفرقان أقول قولي هذا

الخطبة الثانية

هذا القرآن .. أنزله خالق الخلق سعادة للخلق .. يوم قالت قريش .. ان محمدا قد شقي بربه .. ناداه رب العزة تبارك و تعالى .. طه .. مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى .. القرآن كتاب سعادة و هناء .. كتاب أنس و طمأنينة ..كتاب حلول لكل مشاغل الانسان .. طه .. مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ..انما انزلناه لترقى .. لتشهد رقيك و رفعتك في هذه الحياة .. فهو الذي يدعوك الى الكد و العمل المثمر .. ويامرك بالحلال و اجتناب الحرام .. والتحلي بالاخلاص و الاتقان .. وحسن التعامل مع الناس .. لتعيش مرفها سعيدا في الحياة .. هكذا عاش أوائلنا ..يوم فتشوا عن الفقراء في الشمال الافريقي .. فلم يجدوا في بلادنا فقيرا .. الله الذي أمرنا بالتمسك بالقرآن , هو الذي حذرنا من سوء الابتعاد عنه .. فقال جل جلاله .. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا .. من ترك القرآن ..من لا يفتح القرآن .. من لا يقرأ القرآن ..من لا يعمل بالقرآن .. فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا .. معيشة صعبة .. حياة ضيقة .. مصاعب و متاعب و مشقه .. هذا في الدنيا .. أما في الاخره .. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .. وتصوروا في ارض المحشر أعمى .. لا دليل له ..قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى .. وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا .. كنت احمل نظرا ثاقبا .. فأين ذهب بصري .. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا.. وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى .. أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا .. لم تفتح هذا الكتاب القيم .. لم تعمل بالايات .. و لم تطبق المامورات .. ولم تنته عن المنهيات .. يقرا الانسان .. وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا .. ثم يغتاب.. ويتحدث في أعراض الناس .. هذا نسيان .. يقرأ الانسان .. لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ .. ثم يغش .. و يزيد في الاسعار .. هذا نسيان .. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا.. وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى .. من أجل ذلك ..واجب المؤمنين .. العمل بكتاب الله .. فسعادة الناس في الحياة الدنيا , في كتاب الله .. الناس يعملون بالكتاب .. و الخيرات تتنزل من عند الله .. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا.. لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .. هذا وعد الله .. وهذا عهد الله .. ومن أصدق من الله عهدا .. اللهم اجعلنا على عهدك المبين ..و ألهمنا العمل بشرائع هذا الدين.. واجعلنا من عبادك المخلصين .. اللهم أصلح حال قلوبنا.. و اهدنا للتمسك بهديك المبين .. اللهم وفقنا للتنافس في الخيرات..وقو عزائمنا في الطاعات .. وطهرنا من جميع السيئات .. اللهم وعمم وفاقنا.وطيب أوقاتنا.. ورخص أقواتنا .. وسهل معيشتنا .. وبارك لنا في زوجاتنا و ذرياتنا .. و اغفر لآبائنا و أمهاتنا ..واجعلنا واياهم برضوانك من الفائزين ... الْلّهُمَّ تَوْلَّنَاْ بِحِفْـظِكَ أَجْمَعِيْـنَ .. و استرنا بسترك المبين .. واجعلنا في كنفك وحفظك الى يوم الدين.. اللهم جنبنا وأهلنا و بلادنا الفتن .. و باعد بيننا و بين الأسقام و الأمراض و المحن.. برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا خالق الخلق أجمعين .. يا ذا الفضل على المؤمنين ..يا مجيب تضرع السائلين .. نسألك اللهم عزة و رفعة للاسلام والمسلمين .. وذلا وخذلانا لكل من يعادي هذا الدين.. اللهم واجمع شملنا على الحق واليقين .. و احفظنا و احفظ بلدنا و سائر بلاد المسلميـن .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عباد الله
ان الله يأمر بالعدل و الاحسان