الـقـصــر في الصـلاة

الحمد لله الذي جعل الصلاة عماد الدين.. وفرضها كتابا موقوتا على المؤمنين .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وحده لا شريك له .. أنار طريق الهدى للمصلين .. و يسر لهم سبيله و شرعه المتين .. وأشهد أن سيدنا وحبيب قلوبنا محمدا عبده و رسوله.. إمام المتقين..وأول الراكعين و الساجدين ..اللهم صل عليه في الأولين و الآخرين ..وارض اللهم على آله الأكرمين الأطهرين ..وعلى صحابته الغر الميامين..وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد ... إخوة الإيمان و العقيدة
القصر في الصلاة .. هو صلاة الظهر و العصر و العشاء ... ركعتين ركعتين ركعتين .. و تكون في حال السفر .. و يمكن تسميتها صلاة السفر..
ذكرها الله جل جلاله في كتابه العزيز فقال .. وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ .. فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ .. و سبب نزول هذه الاية .. أن جمعا من التجار ..جاؤوا الى حبيب هذه الامه .. صلى الله عليه وسلم .. قالوا يا رسول الله .. إنا نضرب في الأرض، فكيف نصلي؟ فأنزل الله تبارك و تعالى .. وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَ شَطْرَ الصَّلاَةِ ،..فعمل بها التجار .. فكانت سنة .. ولزمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفراته ..فاصبحت سنة مؤكدة .. قال الصحابة .. ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا.. الا قصر فيه .. وفي ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. خيركم من قصر الصلاة وأفطر ..
ويوم سأله الفاروق عمر بن الخطاب .. عن القصر في الصلاة .. أجابه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله .. هِيَّ صَدَقَةٌ , تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ .. و السفر في الاسلام .. أقسام وأنواع .. فيكون السفر واجبا .. كسفر الحج للفريضة .. ويكون السفر مندوبا ..كالسفر لبر الوالدين , و صلة الرحم .. و يكون السفر مباحا ..كالسفر للتجارة .. و يكون السفر مكروها .. كالسفر للهو, لحفل ساهر مثلا وكذلك السفر للصيد .. و يكون السفر حراما كالسفر لارتكاب جريمة .. فيجوز التقصير في الصلاة .. في السفر الواجب و المندوب و المباح .. و لا يجوز التقصير في السفر المكروه و الحرام .. وللتقصير حدان شرعيان .. حد مكاني ..فلا بد أن تكون المسافة واحدا و ثمانين كيلومترا ذهابا .. و حد زماني ..لا بد أن تكون الاقامة اقل من أربعة أيام ..أي أقل من عشرين صلاة .. دون اعتبار يوم الذهاب و يوم الرجوع .. فالمقصود هو الاقامة .. أما بداية التقصير ..فمن خروج المسافر وابتعاده عن مساكن بلده .. و تكون نية التقصير عند أول صلاة.. فمن كانت اقامته عشرين صلاة فما أكثر لا يقصر .. و من كان سفره دون الواحد و الثمانين كيلومترا لا يقصر .. و راعي الغنم .. و الذي يطلب شيئا ضائعا .. والذي ينتظر قادما في طريقه ..لا يدري أين يلاقيه .. لا يقصرون من الصلاة .. لأن الناقص هنا ..هو الجزم في النية .. لا يدري ..هل يصل الى مسافة الثمانين كيلومتر ام لا .. و الصلاة في السفر .. يكره فيها اقتداء المسافر بالمقيم .. اذا حان وقت الصلاة ..ودخل المسجد ..فعليه أن يصلي بعيدا عن الجماعة ..و لا يدخل في الصلاة مع الامام .. فان دخل مع الامام ..وجب عليه أن يتم صلاته أربع ركعات ..ثم يعيدها ركعتين على وجه الاستحباب .. و الكراهة في الدخول مع الامام .. تخص الظهر و العصر و العشاء .. أما الصبح و المغرب ..فمن المستحب الدخول مع الامام ..لأنها لا يشملها تقصير الصلاة .. و كذلك يكره اقتداء المقيم بالمسافر .. الا اذا كان المسافر من ذوي العلم و الفضل .. قال الامام مالك رحمه الله .. كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ..اذا قدم مكة .. صلى بالناس الفريضة ..ثم يقول للمصلين .. يا أهل مكة .. أتموا صلاتكم فانا قوم سفر ..أي مسافرون .. أما قضاء فوائت الصلاة .. فمن فاتته الصلاة وهو في سفر ..صلاها سفريا ولو في بيته .. و من نسي أن يصلي فريضة في بيته ..و تذكرها في سفره .. فانه يصليها تامة كما فاتته ..
وخلاصة القول .. أن المسافر اذا كان سفره أكثر من ثمانين كيلومترا.. و اقامته أقل من أربعة ايام ..دون الذهاب و الاياب .. فانه يصلي الظهر ركعتين و العصر ركعتين و العشاء ركعتين ..ولا يقصر الصبح و لا المغرب .. ولا يقتدي في سفره بجماعة .. الا في الصبح و المغرب ..وان فاتته صلاة في سفره .. قضاها كما فتته في سفره .. اللهم تقبل منا صلاتنا .. و تجاوزفيها عن هفواتنا.. واكتبها لنا تامة في ميزان حسناتنا .. واجعلنا بها من الفائزين ..
اقول قولي هذا ...

الخطبة الثانية

القصر في الصلاة..رحمة وفضل من الله تبارك وتعالى بعباده المؤمنين فهو الذي أباح لهم السفر؛ لقضاء مصالحهم ،قال تبارك وتعالى.هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا,فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا .. وَ كُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَ إِلَيْهِ النُّشُورُ . و جاء فضل الله.. فخفف عنهم العبادة في السفر.لما يلحقهم في أسفارهم من مشقة، قال الله جل وعلا يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ فكل ما فرض الله على عباده يسر.ولوكان في ظاهره بعض المشقة.من أجل ذلك..اذا قصرالمسلم من صلاته أوافطر من صومه .. فمن رحمة الله .. ان الله يكتبها له كاملة قال رسول الله صإذا مرض العبد أوسافر فله مثلُ ما كان يعمل مقيما صحيحا. وهذا الفضل و الخير يشمل المريض والعاجز فان أجور العبادة تكتب على ما واظب عليه في صحته و اقامته .. اللهـم فقهنا في ديننا..و زد في إيماننا وحسن يقيننا.. و اجعلنا من عبادك الطائعين .. اللهم تقبل بفضلك أعمالنا..و حقق بالزيادة آمالنا.. واجبر برحمتك أحوالنا..وتجاوزعن السيئات من أفعالنا.. واجعل بطاعتك اشتغالنا ..واقرن بالعافية غدونا وآصالنا..واختم بالسعادة آجالنا..واجعل إلى جناتك مصيرنا و مآلنا..اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا .. و اصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا .. و اصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا.. برحمتك يا أرحم الراحمين.يا خالق الخلق أجمعين يا ذا الفضل على المؤمنين.يا ذا العفو على المحسنين .. يا أنيس الصالحين يا جليس الذاكرين.يا غياث المستغيثين اللهم أغثنا و لا تجعلنا من القانطين .. اللهم أغثنا و لا تكتبنا من المحرومين اللهم وأعز الإسلام وانصر المسلمين. واجمع المسلمين على شرائع هذا الدين واجعل بلدنا آمنا وسائر بلاد المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عباد الله
ان الله يأمر بالعدل و الاحسان