المـولــد 22

الحمد لله الذي ارسل رسوله بالهدى .. وجعله للمؤمنين الأسوة و المقتدى .. أشهد أن لا إله الا الله .. وحده لا شريك له .. بين لنا سبل السلامة و الهدى ..وجنبنا مهاوي الضلالة و الردى ..و اشهد ان الحبيب المصطفى .. و الرسول المجتبى ..والشافع و المشفع يوم اللقاء .. أدى الامانة خير أداء ..و نصح الامة فكان خير النصحاء .. اللهم صل وسلم عليه في الاولين و الاخرين .. وارض اللهم على آله الاطهرين ..وعلى صحابته الغر الميامين ..و على التابعين لهم باحسان الى يوم الدين ..
أما بعد ... اخوة الايمان والعقيدة
الليلة .. ذكرى ميلاد الحبيب ..صلى الله عليه وسلم .. وميلاد الحبيب .. ايذان بظهور أشرف الخلق ..و أكرم العالمين .. روى الامام الترمذي ..عن أنس بن مالك رضي الله عنه .. أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم .. لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ.. أُتِىَ بِالْبُرَاقِ.. مُلْجَمًا مُسْرَجًا.. فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ.. فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا.. فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ .. قَالَ فَارْفَضَّ عَرَقًا.. استحياء من حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ..هذا النبي العظيم .. وهذا الرسول الكريم .. فضله الله على جميع المرسلين .. فأرسل الله كل رسول لقومه خاصة .. قال الله جل جلاله .. إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.. وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ.. وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ.. وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ..إلا حبيبنا محمدا..ص.. فهو الذي أرسله الله لكل الأمم.. أرسله للناس أجمعين .. فخاطبه الجليل جل جلاله بأمره.. قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا .. و شرفه بقوله عز و جل.. وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ .. جيلا بعد جيل .. الى يوم القيامة .. هذا الرسول المجتبى ..و هذا الحبيب المصطفى .. أحب من عاشوا معه .. ألف بين قلوبهم .. جمع بين المهاجرين و الانصار برباط الاخوة الصادقة .. فبادلوه محبة بمحبة .. و أعلنوا الطاعة المطلقة لله و لرسوله ..فجعل الله منهم خير أمة أخرجت للناس.. شيدوا حضارة لم يعرف التاريخ لها مثيلا .. كان حبه صلى الله عليه وسلم لمن حوله شديد .. ولكن .. كان حبه لمن سيعيش بعده أشد .. وقف أحد الصحابة يوما وقال له يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِمَنْ رَآكَ وَآمَنَ بِكَ .. فقال حبيب هذه الامه .. طُوبَى لِمَنْ رَآنِى وَآمَنَ بِى .. و طُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِى وَلَمْ يَرَنِى .. فقَالَ لَهُ رَجُلٌ.. وَمَا طُوبَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .. قَالَ شَجَرَةٌ فِى الْجَنَّةِ.. يسير الراكب في ظلها .. مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ .. ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا .. وفي مجلس للحبيب .. صلى الله عليه وسلم ..و الصحابة من حوله .. قال لهم .. وددت لو أني رأيت أحبابي.. قالوا يا رسول الله ألسنا أحبابك ؟ قال أنتم أصحابي .. قالوا فمن أحبابك يا رسول الله .. قال أحبابي قوم يأتون بعدي.. يؤمنون بي ولم يروني ..أنا إليهم بالأشواق .. قَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ .. قَالَ أَرَأَيْـتم لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَة.. بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ.. أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ .. قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ أثر الْوُضُوءِ.. الوجوه بيضاء ..و الايادي بيضاء ..و الارجل بيضاء ..نور يتلألأ من اثر الوضوء .. كان رسول الله ص. يحب صحابته .. وكان يحب من سياتي بعدهم .. كان يحب أمته..وكل من يحمل لا اله الا الله الى يوم القيامة .. فهو من أمته .. أورد الامام مسلم في صحيحه .. أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم .. تَلاَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ .. رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى .. وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ..وَفي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .. ثم رَفَعَ يَدَيْهِ وَ قَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِى , اللَّهُمَّ أُمَّتِى , وَبَكَى .. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ .. اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ ..إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلا نَسُوءُكَ .. فما أسعد أمة محمد بمحمد .. و ما أسعد أمة محمد في دنياها و أخراها .. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. لِكُلِّ نَبِيّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ.. فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ ..وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. فَهِي نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا .. اللهم أقمنا على سنته .. واجمعنا على طاعتك و طاعته .. واهدنا صراطك المستقيم
أقول قولي هذا

الخطبة الثانية

لنْ يَكْتملَ الإيمانُ الحقيقيُّ في قلوبنا، ولنْ نذوقَ حلاوة الاسلام في حياتنا ، و لنْ نُحسَّ بالراحةِ النفسيةِ الحقيقيةِ.. والطمأنينةِ التامة ؛ حتى نحبَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ .. حبًّا, أكثرَ منْ حبنا لأنفسنا وأهلِينا وأموالنا وكلِّ دنيانا، جاء في الصحيحين ..و اللفظ للامام البخاري ..عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ.. لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ .. فهل أحببنا الرسول .. هل جعلنا الرسول حاضرا .. في أقوالنا و اعمالنا .. هل اتبعنا هديه في معاملاتنا ..في بيعنا و شرائنا .. في احساننا لأرحامنا و جيراننا .. هل تعاملنا مع الناس كإخوة .. هل اتبعنا الرسول في وضوئنا و في صلاتنا ..و في جميع عباداتنا .. هل طبقنا سنته على أبنائنا و بناتنا و زوجاتنا .. انظروا في ليلة الافراح .. في قاعة الافراح .. هل نرى اثرا لسنة حبيبنا.. ادخلوا الى محاكمنا .. وانظروا الى قضايا الابن بابيه .. و الاخ باخيه ..و الجار مع جاره .. هل هذا حب الامة لرسولها .. هل هذا تمسك الامة بدينها ..أين وصية الحبيب .. صلى الله عليه وسلم .. تَرَكْتُ فِيكُمْ.. مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ .. لَنْ تَضِلُّوا بعدي أبدا.. كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتي .. فهل حققنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..وصيته.. كتاب الله بيننا..فيه كلام ربنا..وفيه خيرنا و سعادتنا دنيا و أخرى..وهو الذي أمرنا بالتآلف و التراحم..و جعلنا إخوة..وحرم بيننا الكذب و الغيبة و النفاق .. وأخبرنا أن المال لا ينفع..و أن الإبن لا يجدي.. وأن الجاه لا يدوم.. إنما الذي ينفع.. هو القلب الذي لا يحمل غلا على أحد.. القلب الطاهر النقي.. القلب الطائع التقي..فقال جلا جلاله.. يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ.. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ.. وهاهي السنة العطرة بيننا .. تذكرنا بكل صغيرة و كبيرة من حياة رسول الله ص..ونعلم أن فيها نجاتنا..وفيها حياتنا..و فيها حاضرنا و مستقبلنا.. فهل حققنا لرسول الله وصيته..في كتاب الله وسنته..وهل أطعنا الله..وهو الذي بشر رسوله.. أن مصائب الدنيا لا تصل إلينا..إذا كنا مع الحبيب ص..و مع سنته.. نقتفي أثره.. و نلتزم بنصحه و هديه..و بشره الله بنجاتنا ما دمنا مع الله.. في رقابته و ذكره واستغفاره ..فقال جل جلاله.. وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ .. ما دامت السنة قائمة .. والسيرة العطرة متبعة وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ..
اللهم اجعلنا من عبادك الطائعين.. وألهمنا العمل بكتابك المبين..ووفقنا للسير على منهج الصادق الأمين.. اللَّهُمَّ اجْعَلْنا أنخْشَاكَ كَأَنّنا نرَاكَ ، وَ أَسْعِدْنا بِتَقْوَاكَ‏ ، وَلَا تُشْقِنا بِمَعْصِيَتِكَ ، وَ الطف بنا فِي قَضَائِكَ ، وَ بَارِكْ لنا فِي قَدَرِكَ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَانا فِي أنَفْسِنا ، وَ الْيَقِينَ فِي قَلْوبِنا ، وَ الْإِخْلَاصَ فِي أَعمَالِنا ، وَ النُّورَ فِي أبصَارِنا ، وَ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِنا ، اللهم بفضلك ارحمنا ..و بحفظك أكرمنا..و بعفوك عافنا واعف عنا..اللهم ارحم آباءنا و أمهاتنا.. واجعلنا و إياهم عندك من المقبولين.. وبرضوانك من الفائزين.. بفضلك و رحمتك يا ارحم الراحمين.. يا خالق الخلق أجمعين .. يا أنيس الصالحين .. يا جليس الذاكرين..يا ذا الفضل على المؤمنين .. يا رجاء المتضرعين..يا غياث المستغيثين..اللهم أغثنا ولا تجعلنا من القانطين.. اللهم أغثنا غيثا تحيي به البلاد.. وترحم به العباد..و تجعله بلاغا للحاضر و الباد .. ونسألك اللهم عزة و رفعة للإسلام و المسلمين.. وذلا و خذلا نا لمن يحارب هذا الدين.. وعودة بالمؤمنين الى الحق واليقين .. و طمأنينة و رخاء لبلادنا و سائر بلاد المسلمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان