فضل رجـــب

الحمد لله الذي وهب لعباده الصالحين مواسم الخيرات..و حثهم على اغتنامها بالعبادة و الطاعات..أشهد أن لا إله إلا الله..وحده لا شريك له..شهادة السابقين بالخيرات..العاملين بحقها في كل الأوقات.. وأشهد أن سيدنا وحبيب قلوبنا محمدا عبده ورسوله..نبي أخلص لهذا الدين..وأحب المؤمنين..وأرشدهم لما فيه الخير والعز و التمكين..اللهم صل وسلم عليه في الأولين والآخرين.. وارض اللهم على آله الطاهرين الطيبين..وعلى صحابته الغر الميامين..وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
أما بعد...... إخوة الإيمان و العقيدة
سبعة أيام مرت ..من شهرنا هذا ..الشهر القمري الهجري .. شهر رجب .. أسال الله أن يجعله شهر خير و هناء على الجميع .. شهر رجب .. شهر معظم.. منذ زمن جدنا ابراهيم عليه السلام ..واستمر العرب على تعظيمه في الجاهلية ..و جاء الاسلام , فزاده تكريما و تعظيما.. شهر رجب ..تميز بعدة أسماء .. في الجاهلية و في الاسلام .. فكان العرب يسمونه .. رجب الاصم .. لأن الحروب فيه تتوقف ..ولا يسمع فيه صوت السلاح.. و سموه رجب مُنصّل الأسنّة.. قال التابعي.. ابو رجاء العطاردي.. واسمه عمران ابن ملحان .. إذا دخل شهر رجب .. قلنا مُنصّل الأسنة .. فلا ندع رمحا فيه حديدة .. ولا سهما فيه حديدة .. إلا نزعناه وألقيناه ..و سموه رجب مضر .. لأنّ قبيلةَ مُضـر كانت تزيد في تعظيمِه واحترامِه.. و سمي كذلك..برجب الاصب .. لأن رحمة الله تصب على التائبين من عباده صبا ، و جاء القرآن .. فزاده شرفا .. أن جعله شهرا من الاشهر الحرم.. يقول الله تبارك و تعالى .. إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ.. اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ.. يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.. مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ..ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ.. فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .. وحدد النبي صلى الله عليه وسلم الاشهر الحرم فقال.. السَّنَةُ .. اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا .. مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ..ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ.. ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ .. وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ.. الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ .. هذه الاشهر .. عظمها الله .. و سميت بالاشهر الحرم .. لحرمة القتال فيها ..الا على من ظلم ..فتسمية ذي القعدة .. جاءت ..لأن العرب يقعدون فيه عن القتال .. و يقصدون فيه مكة للحج و التجارة ..و تسمية ذي الحجه .. لانهم يحجون فيه بلا قتال .. و تسمية المحرم .. لانهم يعودون فيه الى ديارهم آمنين .. فحرموا فيه القتال .. أما رجب .. فمعناه المعظم .. جاء في القاموس المحيط .. رجّب الرجل أي هابه وعظمه .. فكانوا يعظمونه لاجل العمرة و الزياره .. هذه الاشهر الحرم .. نهانا الله فيها عن ارتكاب المعاصي .. فقال جل جلاله .. فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ .. وظلم النفس .. بارتكاب الذنوب .. في أيام شرفها الله و عظمها .. فتكون المعصية فيها اعظم جرما.. و أشد عقابا .. يقول الله جل و علا .. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ .. أي لا تحلوا محرماته ..التي حرمها عليكم .. والتي أمركم الله بتعظيمها ..ونهاكم عن ارتكابها .. فشهرنا هذا ..شهر حرام .. فيه تشتد عقوبة الذنوب؛ فيبادر المسلم الى ترك المعاصي ..و يسارع الى فعل الخيرات ..
بَيِّض صَحِيفَتَكَ السَّودَاءَ فِي رَجَبٍ
بِصَالِحِ العَمَلِ المُنْجِي مِن الَّلهَبِ
شَهرٌ حَرَامٌ أَتَى مِن أَشهُرٍ حُـرُمٍ
إِذا دَعَا اللهَ دَاعِ فِـيهِ لَمْ يَـخِـبِ
طُوبَى لِعبدٍ زَكَـى فِيهِ لَهُ عَمَـلٌ
فَكَّفَ فِيهِ عَن الفَحشَاءِ والرِّيَبِ
يقول فضيلة الشيخ محمد الطاهر بن عاشور.. أنّ المعصية فيه أعظم.. وأنّ العمل الصالح فيه أكثر أجراً ، فلنكثر يا عباد الله .. في هذا الشهر .. من أصناف العبادة ..فما خلقنا الله الا لنعبده حق عبادته .. فهو الذي نبهنا بقوله جل و علا .. وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.. فخلقنا و بعثنا في هذه الحياة .. من أجل أن نطيع خالقنا و نعبده و نخشاه ..لأن الحياة فرصة ..وهبها الله لنا .. ليغتنمها المسلم في طاعة الله .. وفي خشيته و تقواه .. و ها قد عظم الله هذه الايام .. و أرشدنا لاغتنامها ..و زاد فيها ثواب فعل العبادات .. من نوافل الصلاة ..و التطوع بالصيام .. فلنعبد الله حق عبادته و لنكثر في هذه الايام من وجوه البر، وأعمال الخير ، ولنزد فيها من الأعمال الصالحة ، التي تقربنا من الله ، وترفع درجاتنا ، وتكفر سيئاتنا .. لنكون من السامعين الطائعين .. أقول قولي هذا

الخطبة الثانية

هناك أمر متعلق بالاشهر الحرم .. هذا الامر ..جاء الاسلام فأبطله و حرّمه .. فلم يعد قائما .. والحديث عنه لمزيد المعرفه .. حتى اذا قرانا الاية .. عرفنا معناها .. يقول الله تبارك و تعالى .. إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ.. يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا.. يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا.. لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ .. فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ .. العرب قبل الاسلام .. كانوا يعظمون الاشهر الحرم .. حتى ان الرجل ..يبحث عن قاتل أبيه شهورا .. فاذا لقيه في الشهر الحرام .. لا يمسه بسوء .. وداموا على ذلك من زمن جدنا ابراهيم أزمانا طويلة .. ثم أحدثوا النسيء .. يقال أن عمرو بن لُحَيْ.. هو اول من أحدث النسي .. عمرو ابن لحي .. هو كذلك أول من ادخل الاصنام الى مكة و جزيرة العرب .. قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. عُرضَتْ عليّ النار.. فَرَأَيْتُ عَمْرَو بن لِحَيِّ.. يَجُرُّ قَصَبَهُ فِيهَا .. و باحداث النسي ..صار العرب .. اذا راوا القوافل محملة بما لذ و طاب .. قالوا نؤخر الشهر الحرام .. فيؤخرون شهر محرم .. الى الشهر الذي بعده ..وهو شهر صفر .. فيحلون شهر محرم .. ويهاجمون القوافل و الحجيج .. و يتوقفون عن القتال في شهر صفر .. ليكون عدد الاشهر الحرم .. يساوي عدد ما حرم الله .. كما قال الله جل جلاله يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا.. لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ .. فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ .. اللهم احي قلوبنا بطاعتك واملأها بنور هدايتك.. اللهم اسلك بنا طريق مرضاتك.. و يسر لنا عفوك و معافاتك..اللهم ردنا اليك و أنت راض عنا..واغفر لنا وارحمنا.وعافنا واعف عنا.اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا.وأحيائنا وامواتنا.. وطيب أوقاتنا..ويسر اقواتنا و سهل معيشتنا..اللهم طهرنا من جميع السيئات.. و نجنا من الاهوال و الآفات برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا خالق الخلق أجمعين..يا أنيس الصالحين..يا جليس الذاكرين .. يا مجيب السائلين
نسألك اللهم بعزتك عزة للإسلام و المسلمين.وذلا و خذلانا لكل من يعادي هذا الدين .. و أن تردنا ردا جميلا إلى منهجك المتين..وأن تكرمنا بشفاعة سيد المرسلين .. و أن تحمي بلدنا بحفظك المبين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عباد الله
ان الله يأمر بالعدل و الاحسان