الوقــايــة

الحمد لله على عودة أهل المساجد للمساجد .. والحمد لله أن تنورت بيوت الله .. بالذاكر و الراكع و الساجد .. والحمد لله أن جمعنا سالمين آمنين .. الْلّهُمَّ تَوْلَّنَاْ بِحِفْظِكَ أَجْمَعِيْنَ ، وَمُنَّ عَلَيْنَاْ بِعَاْفِيَتِكِ وَعَفِّوْكَ المبين .. واحْفَظْنِا مِنْ بَينِ أيدينا، ومِنْ خَلْفنا بحفظك المتين..

الحمد لله ثم الحمد لله
الحمد لله الذي حصن المسلمين بحصن الاسلام .. و حثهم على الوقاية من جميع الامراض والأسقام .. أشهد أن لا اله الا الله ..وحده لا شريك له ..كرّم الانسان .. و أوجب حفظ النفس و سلامة الابدان ..و أشهد أن سيدنا و حبيبنا محمدا عبده و رسوله.. نبي الهدى ..و امام اهل التقى .. و السيد السند الذي به يؤتم و يقتدى .. اللهم صل وسلم عليه في الأولين والآخرين .. وارض اللهم على آله الأطهرين ..وعلى صحابته الغر الميامين .. وعلى من تبعهم من التابعين.. وعنا معهم باحسان الى يوم الدين ..
أما بعد اخوة الايمان و العقيدة
مبدأ الاخذ بالاسباب .. هو من مبادئ ديننا الحنيف .. ولو تأملنا في حياة النبي صلى الله عليه و سلم .. وهو القدوه ..وهو لنا الاسوه .. لوجدناها أخذا بالاسباب .. الهجرة مثلا .. كلها اخذ بالاسباب .. بداية من اختيار الصاحب في الطريق .. جاء في صحيح الامام البخاري قول السيده عائشه .. بَيْنَما نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِى بَيْتِنَا فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ.. قَالَ قَائِلٌ لأَبِى بَكْرٍ .. هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُقْبِلاً مُتَقَنِّعًا ، فِى سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا . قَالَ أَبُو بَكْرٍ ، وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِى هَذِهِ السَّاعَةِ إِلاَّ لأَمْرٍ .. قَالَتْ عَائِشَةُ. فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَ ، فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ حِينَ دَخَلَ لأَبِى بَكْرٍ « أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ » . قَالَ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَإِنِّى قَدْ أُذِنَ لِى فِى الْخُرُوجِ » . قَالَ فَالصُّحْبَةُ الصُّحْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « نَعَمْ » هذا اختيار الصاحب .. وكذلك اخيار الدليل لمعرفة الطريق و شراء الرواحل للركوب.. و الاختباء في الجنوب مع ان الوجهة الى الشمال.... وهذا كله أخذ بالاسباب.. والاحتياط و التوقي ..وفي حالنا اليوم .. الاخذ بالاسباب من سنة النبي صلى الله عليه وسلم .. و الاخذ بالاساب هو الحيطة و الوقايه ..جاء في صحيح الامام مسلم ..أن الرسول صلى الله عليه وسلم .. علم أن في وفد ثقيف .. القادم لمبايعته .. رجلا به مرض معدي .. فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم : فجاء الرجل حتى وقف امام المسجد .. ونطق بالشهادتين.. فاشار اليه الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا .. إنا قد بايعناك فارجع.. فها هو النبي صلى الله عليه وسلم .. وهو أقوى الخلق إيمانًا وأعظمهم توكلًا على الله .. وهو الذي قال يوما لخَبَّابِ بن الأَرَتِّ.. أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ ، وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ.. وهو كذلك الذي قال لابن عمه عبدالله بن عباس .. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ.. وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ .. ومع ذلك.. كان ياخذ باسباب الوقايه ..و يحتاط .. و يأخذ حذره .. وهاهو يَقبَل من الرجل
المريض .. مبايعته مشافهة دون مصافحة.. فالوقاية من الامراض .. واجب .. دعانا اليه شرعنا العظيم .. فواجب على المسلم أن يأخذ بأسباب السلامة .. والوقاية الطبية.. حفاظا على نفسه .. وعلى من حوله .. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .. و من يتق الشر يُوقَه.. أي من يتخذ الوقاية له منهجا ..ينزل الله له السلامة من عنده ..
اللهم انا اعتصمنا بكلامك فاحفظنا من كل شر .. واحتمينا بجودك و فضلك فنجنا من كل ضر.. أقول قولي هذا



.. الأوامر التي يرسلها الاطباء اليوم .. مستمدة من سنة رسول الله .. صلى الله عليه و سلم .. فالحجر الصحي العام .. أمر من أوامر رسول الله .. قال صلى الله عليه و سلم.. إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِبَلَدٍ فَلا تَدْخُلُوهَا ، وَإِذَا وَقَعَ وَأَنْتُمْ بِبَلَدٍ فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ.. أما غسل اليدين .. فمطلوب في وضوئنا .. واجب على المسلم غسل الاعضاء الظاهره ..والمعرضة للجراثيم خمس مرات في اليوم .. و مطلوب قبل الطعام و بعده.. لقوله صلى الله عليه وسلم .. من أحب أن يكثر خير بيته, فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع .. و من سنة النبي غسل الفم و تنظيف الاسنان.. أمر بذلك صحابته و أمته ..قبل اختراع معجون الاسنان.. فكان يعيب على صحابته اذا دخلوا عليه , و لا يجد أفواههم نظيفه .. و يقول لهم .. مَا لَكُمْ تَدْخُلُونَ عَلَيَّ قُلْحًا .. أي أسنانكم صفراء ..اسْتَاكُوا ، فَلَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي ، لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ ، عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ .. أما عند العطاس .. فقد أمر النبي بوضع منديل على الفم و الوجه حتى لا ينتشر الرذاذ .. فيعدي من حوله .. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ و ثَوْبَهُ عَلَى فَمِهْ، وَخَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ .. فان لم يجد المنديل .. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .. إذا عَطَسَ أحدُكم فليضَعْ كفَّيْه على وجهه، ولْيَخْفَضْ صوتَه .. أما عن التباعد .. فان الرسول صلى الله عليه وسلم .. أوصى كل مسلم بالابتعاد الكلي .. عمن ثبتت اصابته بمرض معدي .. فقال صلى الله عليه و سلم.. فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ .. اما في الوقاية .. فان النبي صلى الله عليه وسلم .. حدد مسافة التباعد مقدار الرمح .. أي مترين .. حيث قال إِذَا كَلَّمْتُمْ الْمُجَذَّمِينَ .. فَلْيَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ قِيدُ رُمْحٍ .. ولذلك .. الفاروق عمر بن الخطاب .. لما مرض معيقيب .. بمرض خطير و معدي .. ومعيقيب .. من الصحابة المقربين من رسول الله .. صلى الله عليه و سلم .. فقد كان أمينا على خاتم النبي .. صاحب الطابع.. وقد استعمله الخلفاء الراشدون .. ابوبكر و عمر و عثمان أمينا على بيت مال المسلمين .. لما مرض معيقيب .. طبق عليه عمر سنة رسول الله .. قال له .. يا معيقيب .. اجلس مني .. قيد رمح .. فالالتزام بالاحتياط و الوقاية واجب شرعي .. وهو ما أمر به الأطباء اليوم .. من أخذ الحيطة و الحذر .. باستعمال الكمامه .. وغسل اليدين بالصابون .. و الاعتناء بالنظافة .. و التباعد عند اللقاء .. كلها أخذ بالاسباب .. كلها أمور شرعية ..كلها وقاية ..كلها عوامل .. لخروج أمتنا منتصرة على هذا الوباء .. حتى نعود لحياتنا الآمنة المطمئنة .. بسلامة و سلام باذن الله ... اللهـم احفظنا من الشرور و الآثام.. و باعد بيننا وبين كل الاسقام ..واحرسنا بعينك التي لا تنام.. اللهم جنبنا و بلادنا الفتن.. و باعد بيننا و بين الأسقام و الأمراض و المحن.. اللهم تولى أمرنا.. واجمع على الخير شملنا.. وألهمنا رشدنا، اللهم واشف مرضانا.. و عاف مبتلانا.. وارحم موتانا.. واجعلنا من عبادك الصالحين .. الامنين المطمئنين، بفضلك و جودك يا عظيم الرجاء.. يا باسط الأرض ويا رافع السماء ، يا من بيده اللطف في القضاء، يا واسع العطاء، يا مجيب الدعاء، نسألك اللهم أن ترفع عنا البلاء، وأن تدفع عنا الوباء، وأن تُنزل لنا الدواء، وأن تكتب لنا الشفاء .. اللهم بشرنا بما يسرنآ ، وكف عنآ ما يضرنآ .. برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا مجيب السائلين .. نسألك اللهم أن تحفظنا بحفظك المتين.. و تجمعنا وأهلنا في حصنك الحصين..اللهم واعز الإسلام والمسلمين.. وأذل أهل الكفر والمشركين.. واجعل اللهم بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين \ عبد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان