خطبة الجمعة : الإعداد لرمضان

الإعداد لرمضان

الحمد لله الذي أكرم هذه الأمة بشهر الرحمات.. وأفاض عليها فيه من الخيرات و النفحات ..أشهد أن لا إله إلا الله..وحده لا شريك له..أكرمنا برمضان.. وجعله شهر الغفران..و شهر العتق من النيران.. وأشهد أن سيدنا و حبيب قلوبنا محمدا عبده و رسوله أفضل من صلى وصام.. و خير من تهجد و قام..اللهم صل وسلم عليه وعلى آله البررة الكرام..وارض اللهم على أصحابه الأعلام.. وعلى من تبعهم بإحسان على مر الأعوام..
أما بعد... إخوة الإيمان والعقيدة
أيام قليلة..و يظلنا شهر عظيم، وموسم كريم، شهر رمضان المبارك، شهر تضاعف فيه الحسنات، وتغفر فيه السيئات، وتفتح فيه أبواب الجنات، وتقبل فيه التوبة إلى الله من ذوي الآثام والزلات، شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار،
في هذه الأيام القليلة..وقف سيد الأنام .. رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يزف البشرى .. لصحابته الأطهار.. ومن ورائهم يزفها لأمته الخيرة..إلى يوم القيامة..قال صلى الله عليه وسلم .. أتاكم رمضان.. شهر مبارك ، فرض الله عز وجلّ عليكم صيامه ، تُفتح فيه أبواب السماء ، وتُغلّق فيه أبواب الجحيم ، وتغلّ فيه مردة الشياطين ، يغشاكم الله فيه ..فينزل بالرحمة.. ويحط الخطايا ..ويستجيب فيه الدعاء.. ينظر الله تعالى إلى تنافسكم.. ويباهي ملائكته ..فأروا الله تعالى من أنفسكم خيراً..{رواه الطبراني} . بشائر من الصادق الأمين..لأمة الصيام و القيام..بشائر لك أيها المؤمن..و أيتها المؤمنة ..لتعيش أياما.. أبواب السماء فيها مفتوحة..العبادة فيها تصل مباشرة..لا يصدها باب..الدعاء فيها يصعد إلى الله و يستجاب..أبواب الجحيم فيها مغلقة..فلا ذنوب..ولا معاصي..ولا عقاب .. الشياطين فيها مصفدة..فلا شحناء ولا بغضاء ولا سباب.. إنه رمضان..قال في حقه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم..وحديثه في صحيح ابن خزيمة قد أظلكم شهر عظيم ..شهر مبارك.. جعل الله صيامه فريضة و قيام ليله تطوعا.. من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه.. و من أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه.. وهو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة.. و شهر المواساة ..و شهر يزداد فيه رزق المؤمن.. من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه ..و عتق رقبته من النار.. و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء.. قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم ..فقال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن..شهر المواساة ..شهر الأخوة الصادقة .. هذا هو رمضان.. ها هو الشهر العظيم.. فأعظم الأحداث..أوجدها الله في رمضان.. فالرسالات السماوية.. و الرسالة المحمدية ..كلها جاءت في رمضان.. و نزول القرآن جاء في رمضان. شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ..البقرة185}..ليلة القدر جاءت في رمضان .. إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ .. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ .. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ .. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ .. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر..{سورة القدر } .. شهر رمضان الذي انتصر فيه الإسلام.. في غزوة بدر ..وفي فتح مكة.. وفي دحر الروم ..وفي القضاء على الفرس.. وفي فتح الأندلس ..وفي فتح صقلية ..وفي فتح الهند.. وما خاض المسلمون في رمضان معركة إلا كسبوها.. شهر رمضان.. الله يتجلى على عباده في أول ليلة من رمضان ..و في كل ليلة.. ينادي من قبله مناد.. يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ..وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ .. هل من داع فيستجاب له.. هل من سائل فيعطى ..هل من مستغفر فيغفر له ..وذلك حتى مطلع الفجر.. فكيف لا يفرح المؤمن بقدوم شهر رمضان ويستبشر , ويحمد الله أن بلَّغه إياه , ويعقد العزم على تعميره بالطاعات , وزيادة الحسنات , وهجر السيئات إنه شهر الصبر والإحسان.. شهر الرحمة والغفران .. شهر الدعاء والقرآن .. شهر التوبة والعتق من النيران .. فاستحضر أيها المؤمن أن رمضان كما وصفه الله عزَّ وجلَّ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ، فهو موسم فاضل ، ولكنه سريع الرحيل ..فاغتنمه.. واستحضر أيضاً أن المشقة الناشئة عن الاجتهاد في العبادة سرعان ما تذهب ، فيوم يحل بيننا العيد ..فكأن المؤمن ما تعب .. ولا أرهقه الصيام و لا القيام.. و يربح المؤمن الأجر ، ويبقى حسن الثواب.. وشَرْحُ الصدر بإذن الله ، فيشعر بفرحة الطاعة..و يحس برضوان الله..وأنه بحق في يوم الجائزة.. أما المفرط فإن ساعاتِ لهوه وغفلته تذهب سريعاً ، و تبقى مرارة التفريط ..و ندامة التسويف..و يخرج من موسم الخير..يخرج من رمضان.. بمشاعر الخسران.. فاحرص أيها المؤمن أن تكون من المحسنين في رمضان..من المجتهدين طاعة وعبادة.. فمن أهم نصائح سلفنا الصالح ما رواه الإمام البيهقي في شعب الإيمان عن الصحابي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ.. رضي الله عنهما قَالَ: إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ, عَنِ الْكَذِبِ، وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى جارك، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً.. كان الصالحون يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبله منهم ..وكان من دعائهم : اللهم سلمنا إلى رمضان ، وسلم لنا رمضان ، وتسلمه منا متقبلاً. فادع يا أخي بدعائهم .. وافرح كفرحهم .. عسى الله أن يشملك بنفحات رمضان .. فيغفرَ الله لك ذنبك ، وتخرجَ من رمضان وقد أُعتِقتَ من النيران. . . اللهم سلمنا لرمضان.. وسلم رمضان لنا.. وتسلمه منا متقبلاً.. واجعلنا من أهل الصيام والقيام.. ومجافاة الذنوب والآثام . اللهم أَهِِلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والصحة من الأمراض والأسقام، والعون على الصلاة والصيام.
أقول قولي هذا ..وأستغفر الله العظيم الكريم لي و لكم \