الاعـجــاز الـعـلـمــي

الحمد لله الذي أنعم على العالمين بالقران .. وحفظه بحفظه من التحريف و الزيادة و النقصان .. أشهد ان لا إله الا الله .. وحده لا شريك له .. شرفنا بالاسلام دينا ختم به الاديان .. وهادنا الى اصول الخير في منابع الاحسان .. واشهد ان سيدنا و حبيبنا محمدا عبده ورسوله .. نبي الهدى ..وامام أهل التقى ..و السيد السند الذي به يؤتم و يقتدى .. اللهم صل و سلم عليه و على اله وصحابته .. واجزه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته .. ولا تحرمنا اللهم من حوضه و قربه و نيل شفاعته ..
أما بعد إخوة الايمان والعقيدة
كتاب الله .. الحامل لكلام الله .. أساس شرعنا و شريعتنا .. و منبع فخرنا و عزتنا .. أعزه الله .. فهو عند الله عزيز .. يقول الله جل جلاله .. إِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ .. لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِه ..ِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ .. هذا الكتاب العزيز .. أودع الله فيه علوم الاولين و الاخرين .. ليكون دعامة لهذا الدين .. ولسان صدق للصادق الامين.. فالاعجاز العلمي في القرآن.. يحتاجه المؤمنون .. في كل عصر و حين .. ترسيخا للإيمان .. و يقينا في الاذهان .. و اطمئنانا للقلوب .. يقول الله جل و علا .. سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ .. وَفِي أَنْفُسِهِمْ .. حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ .. والافاق.. هي أقطار السماء ..و ما فيها من شمس و كواكب و نجوم .. و أعظم نجم في محيطنا الكوني .. هي الشمس .. وهي كتلة عظيمة من الغازات المشتعلة .. فبما وصفها خالقها في القران العظيم .. قال عز و جل .. تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا.. وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا.. تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا ..و البروج ..هي مسارات الشمس و طرق سيرها ..وهي اثنى عشر طريقا ..كل شهر تمر الشمس من طريق .. وهي المعروفة ببرج الميزان و برج الحوت و برج القوس.. وغيرها .. .. تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا.. نعم .. وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا .. فالشمس هي السراج المشتعل ..أما القمر .. ففي العصر الحديث أكتشف العلماء أن القمر أرضا صلبة, كالمرآة.. يعكس اشعة الشمس .. و يبعثها نورا .. فالشمس الملتهبة وصفها الله بالسراج .. و القمر العاكس للأشعة , وصفه الله بالمنير .. وعن سير الشمس في الفضاء .. ظل العلم مقتصرا , أن كواكب المجموعة الشمسية بما فيها الارض .. هي التي تدور حول الشمس .. و أن الشمس ساكنة .. و الله جل جلاله يقول .. وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ .. فاكتشف الانسان المعاصر ..أن الشمس تجري بسرعة كبيرة .. لا يتصورها الانسان .. تقطع آلاف الكيلومترات في الساعة .. تنطلق بهذه السرعة العظيمة في الفضاء الواسع الرحب .. الذي قال عنه رب العزة جل جلاله .. وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ .. و من سرعة حركة الشمس .. ناتي الى الغلاف الجوي حول الارض..هذا الغلاف , خلقه الله .. جمالا و بهاء للكون .. فالزرقة التي يراها الانسان هي تراكم الهواء في الفضاء ..وخارج هذا الغلاف ..الفضاء أسود .. مخيف .. هذا الغلاف الجوي .. جعله الله نفسا للآنسان .. و حفظا له من الكثير من الاخطار .. منها خطر اشعاعات الشمس الضارة .. وخطر الاجسام الصلبة المنتشرة في الفضاء .. فهي تتجه الى الارض .. فاذا وصلت الى الغلاف الجوي ..احترقت بفعل السرعة و الغازات .. فنراها ليلا شهبا تنزل بسرعة ثم تنطفي .. و الله جل جلاله أشار الى ذلك بقوله.. وَجَعَلْنَاْ السَّمَاْءَ سَقْفَاً مَحْفُوْظَا .. واذا نزلنا الى الجبال .. أعلمنا الله جل جلاله ..أنه خلق الارض اولا .. ثم غرس فيها الجبال .. ليثبتها ..و نشر الجبال في جنباتها لتضمن توازنها .. يقول الله جل جلاله .. خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا .. وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ .. وقد أثبت العلم الحديث أن ثلثي كل جبل مغروس في أعماق الأرض ،وثلثه فقط هو الظاهر فوق سطح الأرض ،، وقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد ،التي تمسك الخيمة بالأرض ، فقال جل جلاله .. أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا .. وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا .. فاذا أتينا الى البحار .. تبين عند علماء البحار .. ان لكل بحر خصائصه كشدة الملوحة و وزن الماء .. و اكتشفوا أن ماء البحر المتوسط مثلا .. اذا التقى بماء المحيط الاطلسي ..لا يختلطان .. و خالقنا جل جلاله يقول .. مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَاْنِ .. بَيْنَهُمَاْ بَرْزَخٌ لاْ يَبْغِيَاْنِ .. و من عجائب خلقه عز و جل .. أن ماء النهر الحلو ..لا يختلط كذلك بماء البحر .. يقول الله جل جلاله .. وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ .. هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ .. وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ .. وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا, وَحِجْرًا مَحْجُورًا .. ماء النهر.. اذا التقى بماء البحر.. طفى ماء البحر فوق ماء النهر .. فجرى ماء النهر على الارض .. شربا للأسماك ..و تغذية للارض .. لتنبت الاعشاب و الاشجار التي تقتات منها الاسماك.. فقطرة ماء المطر مثلا .. تخترق الماء المالح.. الى ان تصل الى أرض البحر .. فتروي الارض .. / .. و كثيرة هي عجائب القرآن .. و آيات الله في كتابه العزيز .. نعود اليها بعد جلسة الاستراحة باذن الله .. اللهم علمنا ما ينفعنا .. وانفعنا بما علمتنا ..و زدنا بفضلك نورا وعلما
أقول قولي هذا


الخطبة الثانية
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز .. وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ .. لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ .. فماذا عن خلق الانسان في القرآن .. يؤكد العلماء اليوم بأن جميع العناصر التي يتركب منها جسم الإنسان موجودة في التراب ، و الله جل جلاله يقول .. وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ .. ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ .. و حبيب هذه الامة .. صلى الله عليه وسلم .. يفسر ذلك بقوله .. إنَّ اللهَ تعالى خلق آدمَ .. من قبضةٍ قبضها, من جميعِ الأرضِ.. فجاء بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ .. فجاء منهم الأحمرُ والأبيضُ والأسودُ وبينَ ذلكَ.. والسَّهْلُ وَالْحَزْنُ .. والخبيثُ والطيبُ.. فمن آيات الله أن خلق الناس من تراب .. و من آياته بيان مراحل نشأة الانسان .. فيقول عز و جل .. يَاأَيُّهَا النَّاسُ .. إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ .. فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ .. هذا التراب جمعه الله من كل الارض.. وخلطه بماء فصار طينا .. واستخرج منه آدم .. يقول جل جلاله .. وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ .. جاء في تفسير الامام بن عاشور رحمه الله .. السلالة .. الشيء المسلول ، أي المنتَزع من شيء آخر ، يقال : سَللت السيف ، إذا أخرجته من غمده ، فالسلالة خلاصة من شيء .. سلالة من طين .. أي خلاصة من عدة انواع من التراب .. ممزوجة بماء .. ليكون طينا ..يقول الله جل و علا .. وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ .. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ .. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً .. فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً .. فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا.. فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا .. ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ.. فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ .. فهذا التدقيق .. ما عرفه الانسان الا من بعد اكتشاف الاشعة .. واستعمالها في آلات التصوير الحديثة .. فصار يتتبع مراحل نمو الجنين في بطن أمه .. فالانسان منذ خلقه الاول .. يتدرج من مرحلة الى مرحلة .. و الله جل جلاله أشار الى هذا الانتقال .. في قوله .. فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ .. والشفق تلك الحمرة التي تلي مغيب الشمس .. وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ .. و الليل و ما وسع من كائنات .. وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ .. والقمر اذا اكتمل .. لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ .. يقرؤها الانسان ..و يمر عليها مر الكرام .. لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ .. لتنتقلن من مرحلة الى مرحلة .. طباقا .. فأول طباقه كونه نطفة .. ثم علقة .. ثم مضغة .. ثم جنيناً .. ثم مولوداً .. ثم رضيعاً .. ثم فطيماً .. ثم طفلاً .. ثم شاباً ..ثم كهلا .. ثم شيخاً .. إلى أن يموت ثم يبعث .. ثم يوقف بين يدي الله .. ثم يحاسب .. ثم يصير إلى الجنة أوإلى النار, حسب عمله .. كلها مراحل يمر بها الانسان .. وكذلك الطباق في أحوال الانسان .. لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ .. فهو من حال الى حال .. من صغر الى كبر .. من صحة الى مرض .. من فرح الى حزن .. من غنى الى فقر .. لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ .. فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ .. مع هذا البيان ..و هذا التوضيح ..و هذا الاعجاز .. فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ .. وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ .. أي لا يخشعون .. هذا كتابنا .. هذا كلام ربنا .. ينطق بالحق .. و يشرح باعجاز .. فواجبنا ان نتامله ..أن نتفكر فيه .. أن نمعن النظر في آياته .. حتى اذا قرأناه , قراناه بشغف ..ومحبة .. لا نمله .. لأنه الكتاب العزيز .. يحمل عزتنا و يضمن كرامتنا .. و يحقق فوزنا دنيا و آخرة .. اللهم اجعل القران لقلوبنا ضياء .. ولأبصارنا جلاء .. ولأسقامنا دواء .. ولذنوبنا ممحصا .. و من النار مخلصا .. اللهم ألبسنا به الحلل .. وأسكنا به الظلل .. وأسبغ علينا به النعم .. وادفع عنا به النقم .. اللهم اغفر لنا جميع ما مضى من ذنوبنا، واعصمنا فيما بقي من أعمارنا، وارزقنا عملاً زاكياً ترضى به عنا. اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا رب العالمين .. يا خالق الخلق أجمعين .. يا غافر الذنب عن المذنبين .. يا مجيب السائلين .. نسألك اللهم عزة و رفعة للإسلام و المسلمين.. وذلا و خذلانا لكل من يعادي هذا الدين .. وحفظا وأمانا لبلادنا و سائر بلاد المسلمين ..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين \ عباد الله إن الله يأمر بالعدل والاحسان