السعادة

الحمد لله الذي جعل السعادة في تقواه ..وجعل العزة لمن أطاعه واتبع هداه .. اشهد ان لا إله الا الله ..وحده لا شريك له .. أمر عباده بطاعته ..وحثهم على ذكره و شكره وحسن عبادته ..و أشهد انس يندا و حبيبنا محمدا عبده و رسوله .. إمام المتقين ..و أول الطائعين و الخاشعين .. اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحابته .. واجزه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته..ويسر لنا اتباع نهجه والتزام سنته.. ولا تحرمنا اللهم من ورود حوضه و نيل شفاعته..
أما بعد ... إخوة الإيمان و العقيدة
حديثنا اليوم .. باذن الله تبارك و تعالى .. عن غاية يطلبها جميع الناس .. الكل يرغب فيها .. والكل يتمنى الحصول عليها .. و للناس في ذلك مسالك و مشارب .. هذه المطلوبة و المحبوبة .. هي السعادة في الحياة الدنيا .. يسعى الجميع الى العيش في ظلها .. ولكن الكثير .. يخطئ طريقها .. وأن القليل القليل من يسلك سبيلها .. السعادة في العيش .. من الناس من يراها في جمع المال .. فيكد و يتعب .. و يسعى .. و يصبح غنيا .. جمع المال .. و بنى العقارات ..وركب أفره السيارات ..و عاش مع الناس .. و تمنى الناس أن يكونوا مثله .. قارون ..عاش في زمن نبي الله موسى عليه السلام ..مفاتيح كنوزه ..لا يستطيع الجمع من الناس أن يحملوها .. يقول الله تبارك و تعالى .. وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ ..مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ .. هذا القارون .. رآه الناس في ظاهر حاله .. فتمنوا ان يكونوا مثله .. يقول الله جل جلاله .. فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ .. قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا.. يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ.. إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ..ولكن .. ماذا فعل قارون بكنوزه .. ظلم الناس ..و استعلى على الفقراء.. ..قال الله تبارك و تعالى .. فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ .. و كثير من انسان كون ثروه .. لو دققنا في حاله .. لم نجده سعيدا .. تعب في جمع المال .. و اليوم يخشى أن يفقد المال .. هو منشغل البال .. دائم التفكير .. كيف يحافظ على المال .. قلق على الثروة .. تراه لا يهدأ .. لا ينعم بأسرته ..لا يلتقي باولاده الا نادرا .. لا يرى النوم الا قليلا .. منشغل و مشغول .. فالمال بذلك .. ليس مصدرا للسعادة في الحياة الدنيا ./ . ومن الناس من يرى السعادة في الجاه و المنصب .. فيكد في طلب العلم ..و يسهر الليالي الطوال في الحفظ و المراجعة ..و يتعب و يتعب .. فاذا وصل الى المنصب .. تراه يشقى للمحافظة عليه .. يخاف زواله ..وهو يعلم علم اليقين .. انه لو دام لغيره لما وصل اليه .. لكنه يتشبث محافظة على ذلك الجاه ..و يبقى في خوف .. الى النهاية .. فاذا زال المنصب و الجاه ..عاش متحسرا على الاعوام الخاليه ... السعادة في المنصب و الجاه .. لم يجدها فرعون ..يقول الله جل جلاله .. وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ.. قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ.. وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي .. أَفَلَا تُبْصِرُونَ .. نعم .. الانهار تجري تحت القصور .. تسقي الحدائق و الاشجار .. و فرعون من شدة علوه و تكبره .. أعلن نفسه الاها ..وقومه له عبادون .. وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ .. مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي .. حتى لما أرسل الله اليه نبي الله موسى ..عليه السلام .. وذكره أنه عبد مخلوق .. و لا يكون المخلوق خالقا .. و دعاه الى عبادة الله .. أبى و طغى و استكبر .. وهدد موسى بالسجن .. قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ .. هذا الفرعون .. هل عاش سعيدا, بالملك و الجاه والسلطان .. لا .. بل كان لا ينام الليل .. عاش بين اضطرابات على الحدود ..و بين مؤامرات في الداخل .. و المستبد لا يعيش هانئا ..و كانت نهايته .. غريقا في البحر .. وبذلك .. فالجاه و المنصب و الملك لا يكون مصدر سعادة في الحياة الدنيا .. و كم من منصب كان سببا في هلاك صاحبه .. ومن الناس من يرى السعادة في الشهرة .. عند اهل الفن ..و أهل الرياضة .. ولو تاملنا حياة الكثيرين منهم .. لوجدناهم في شقاء .. أهل الفن .. أهل السهرات و المنكرات .. يترنحون بالليل ..و ينامون بالنهار .. و يموتون فقراء .. و كذلك أهل الرياضة .. غرف للأموال .. و ضيق في الاحوال ..فاذا تجاوزوا الاربعين .. نسيهم المعجبون .. وغفل عنهم الغافلون .. فأين تكون السعادة .. ان لم يجدها الانسان في المال .. و لم يجدها في الجاه و المنصب .. و لم يجدها في الشهرة .. فاين سيجد السعادة .. سنجدها جميعا في لقائنا الثاني .. بعد جلسة الاستراحة باذن الله .. اللهم اجعل السعادة ربيع قلوبنا .. و نور بصائرنا .. وجلاء همومنا و غمومنا ..واجعلنا اللهم من عبادك الصالحين

أقول قولي هذا

الخطبة الثانية

السعاده في الحياة الدنيا .. هبة يمنحها الله .. لأهل طاعته و خشيته و تقواه .. يقول الله جل جلاله .. وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّـهَ وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ الفوز بالسعادة في الحياة الدنيا ..أن تكون طائعا لله .. تحملك خشية الله.. الى حسن عبادته و تقواه .. أن تكون محبا للصلاة .. لأنها صلتك بالله .. أن تحتمي بالله ..و تقصده و تترجاه .. فتناجيه بسجدة خاشعة ..و تساله بلغة ضارعة .. وأنت على يقين .. من أنه القريب ..و أنه السميع و المجيب .. إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا.. الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا .. وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ .. تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ .. يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ .. فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ .. أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ..
رجال..ارتفعت نفوسهم عن التعلق بمحبة الدنيا و ما فيها.. إلى التعلق بمحبة خالق الخلق..أحبوه من الأعماق..أحبوه في بيته.. و أحبوه في ليله.. و أحبوه في كل الحياة .. أذاقهم الله طعم محبّته .. سعادة و هناء .. ونعّمهم بمناجاته .. وطهّر سرائرهم بمراقبته .. وزين رؤوسهم بتيجان مودّته .. فهم السعداء ..عرفوا طريق السعادة وسلكوه .. فذاقوا نعيم الجنة قبل أن يدخلوها ..مدحهم ربهم فقال في حقهم..إن لي عبادا من عبادي..أحبهم و يحبونني.. و يشتاقون إلي وأشتاق إليهم..ويذكرونني وأذكرهم .. يحنون إلى غروب الشمس.. كما تحن الطيور إلى أوكارها..فإذا جنهم الليل.. نصبوا إلي أقدامهم..وافترشوا إلي وجوههم..و ناجوني بكلامي.. فلو كانت السماوات السبع..و من فيهن..في موازينهم لاستقللتها عليهم.. قلوب.. هفت لحبيبها الله.. و عيون دمعت محبة لله.. وألسنة لهجت بذكر الله.. حملها رجال..جعلوا الطاعة منهجا في الحياة.. انهم السعداء .. إذا جن عليهم الليل .. وفتح ربهم أبواب مغفرته .. كانوا أولَ الداخلين .. انهم السعداء .. اتبعوا أمر الله ..و عاشوا في هديه و هداه .. أسعدهم رب العزة ..فقال في حقهم .. فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى .. فيا ابن آدم .. ان أردت السعادة فكن مع الله ..واعمل الصالحات ..كن طيبا مع الناس .. يقول الله تبارك و تعالى مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ .. فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً .. هذا عهد من الله .. وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ .. وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ .. فالحياة السعيدة الطيبة .. انما هي لأهل الايمان .. و العبادة الخالصة ..و العمل الصالح .. فيا ابن ادم .. اذا اردت الحياة السعيدة .. فأكثر من ذكر الله .. وما أمرنا الله بالا كثار من ذكره .. الا لسعادتنا في هذه الحياة .. قال الله تبارك و تعالى .. يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا .. وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا .. لنكون متصلين بحفظ بالله .. متصلين بالفوز في هذه الحياة .. لنكون هانئين مطمئنين .. فقال جل جلاله .. الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ .. أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ .. فالمال و المنصب و الشهرة .. اذا اجتمعت مع طاعة الله ..و حسن عبادته .. و الاحسان لخلقه .. هيأت لصاحبها حياة سعيدة هانئة .. اللهم احينا حياة السعداء ..و أكرمنا بعيش الكرماء .. واجعل حياتنا في سعادة وهناء .. اللهم اغفر لنا الذنوب..واستر لنا العيوب.. وفرج لنا الكروب ..اللهم لا تدع لأحد منا في مقامنا ذنبا إلا غفرته.. ولا مريضا إلا شفيته..ولامبتلا إلا عافيته ولا ميتا إلا رحمته.. ولا عاصيا بيننا إلا هديته .. و لا طائعا معنا إلا زدته و ثبته .. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما .. و تفرقنا من بعده تفرقا معصوما .. ولا تجعل فينا و لا معنا شقيا ولا محروما.. اللهم نسألك رزقا حلالا واسعا .. و عملا صالحا متقبلا .. وذرية طيبة ..و زوجات فاضلات طائعات..وارحم لنا الآباء و الأمهات ..اللهم من كان منهم حيا فأحيه أسعد حياة .. و من كان منهم ميتا فتقبله بأوسع الرحمات..وأسكنه عندك فسيح الجنات.. يا رفيع الدرجات..يا عظيم البركات.. يا بديع الكائنات ..يا مجيب الدعوات.. نسألك اللهم عزة و رفعة للإسلام و المسلمين .. وعودة كريمة بنا إلى شرائع هذا الدين.. واجعلنا اللهم في بلدنا آمنين مطمئنين..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين /
عـباد الله إن الله يأمر بالعدل و الاحسان