تربية الابناء

الحمد لله الذي خلق الانسان , من سلالة من طين .. وسواه و عدله و جعله من المكرمين .. وهيأ له من زينة الحياة الدنيا , المال و البنين .. أشهد أن لا إله الا الله .. وحده لا شريك له .. جمع على البر بين الاباء و الأمهات و البنين .. و ربط بينهم بموثوق حبله المتين .. وأشهد أن سيدنا .. و حبيب قلوبنا .. و ضياء أبصارنا,و نور بصائرنا محمدا عبده و رسوله.. كان خير الناس لأهله .. و أجمع العباد لشمله .. اللهم صل عليه وعلى آله وصحابته..واجزه عنا خير ما جازيت نبيا عن أمته.. وأحينا على نور هديه و وضّاء سنته.. وأكرمنا اللهم بورود حوضه ونيل شفاعته..
أما بعد .. أيها الإخوة في العقيدة
أورد الامامان البخاري و مسلم في صحيحيهما .. قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم .. كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ , وَهْوَ مَسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا , وَ مَسؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا.. فما هي أمنية الآباء و الامهات نحو أبنائهم .. أمنية الجميع .. أن يحالف الصلاح و الفلا ح و النجاح , مسيرة أبنائهم .. وهذه الامنية الكبيرة .. تضع الوالدين أمام مسؤولية الرعاية و العناية .. واعظم راع للكبار و الصغار هو الدين .. اشاعة مبادئ الاسلام داخل الاسرة .. هي الطريق المؤدي الى صلاح افرادها.. والتزام الوالدين بمبادئ الدين.. مناره يهتدي بها الابناء لاتباع مسلك الاباء هو سلوك طيب .. يتبعه الابناء .. فيا أيها الوالد الصالح ..رب ولدك على الكلمة الطيبه.. والمعاملة الحسنة .. و الخلق الكريم .. اغرس فيه بذرة الصلاح ..وهو صغير..لا تنتظره حتى يكبر .. رسول الله صلى الله عليه وسلم ..كان يحدث عبدالله ابن عباس ..وهو في سن السابعة .. يغرس فيه مبادئ الايمان و العزه .. يقول له يا غلام .. احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسألِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ .. كلام ..يصنع من الاطفال رجالا .. يزيدهم رفعة .. ويرفع بهم أمتهم الى العزة والرقي .. أسامة بن زيد .. قائد جيش المسلمين لملاقاة الروم .. أمّره النبي صلى الله عليه وسلم ..و أسامة في سن السابعة عشر .. عقبة ابن نافع .. خرج الى الشمال الافريقي .. مبلغا رسالة الله للشعوب .. كان عمره يوم خروجه ..اثنين و عشرين عاما .. عندما أسس مدينة القيروان .. قالوا له.. أيها الامير .. ان الارض التي ستبني عليها مدينتك .. هي غابة مليئة بالزواحف و الوحوش .. ولا تصلح للسكنى ..فاندفع بعزم الشباب ..و صعد على هضبة في اول الغابه .. وصاح بأعلى صوته .. أيتها الوحوش .. نحن أصحاب رسول الله .. جئنا هذه الارض.. لاعلاء كلمة لا اله الا الله .. فاتركي لنا المكان .. فأسمع و أفهم الله زواحف و وحوش الغابه .. فخرجت تحمل صغارها على ظهورها .. هؤلاء شباب .. تشبعوا بالعزم و العزيمه .. رفعتهم أخلاقهم الفاضلة ..الى مراتب الفلاح و الصلاح .. فانت ايها الوالد الطيب .. وانت أيتها الام الفاضله .. كونا لأبنائكما القدوة الحسنة .. اتبعا منهج الاسلام .. في تربية الابناء .. ليرى منكما أطفالكما المودة و الرحمة ..التي جعلها الله بينكما .. ليتعلما منكما صدق الحديث .. و صالح العمل .. و حسن التعامل مع الناس .. ليروكما تؤديان صلاة النافلة .. في خضوع و خشوع .. ليجلسوا اليكما ..و انتما تفتحان كتاب الله .. ليسمعوا آيات الله تتلى في البيت .. علموا أولادكما أن يقـبّـلوا منكما الجبين , في الصباح و المساء .. لتبقى لهم عادة ..تجمع بينكم و بينهم على المحبة و المودة .. علموا أولادكما محبة العلم و التعليم .. واحترام المدرسة و المدرس.. تعرفوا على اصحابهم .. فالصاحب ساحب .. ان كان صالحا رفعه للصلاح ..و ان كان دون ذلك .. نزل به للفساد .. عمروا أوقات فراغهم بما ينفعهم .. لا تغلقوا في وجوهم الابواب .. ليحملهم الطريق الى أي طريق ..علموهم عدم الصخب و الهرج في الشارع .. علموهم توقير الكبير..وسماع كلامه .. و طاعة امره .. بهذه الخصال .. ارتفع المسلمون .. و بنوا حضارة ..لم يشهد لها التاريخ مثيلا.. فجميع العلوم التي توصل اليها الانسان .. منبعها من شباب المسلمين .. اللهـم أصلح حال أولادنا.. واهدهم سبل النجاح و الفلاح.. اللهم نور حياتهم بالعلم..و زين أخلاقهم بالحلم..واجعلهم من عبادك الصالحين..
أقول قولي هذا


الخطبة الثانية
طاعة الوالدين .. والاحسان لهما .. و برهما .. خصال أمر الله بها الابناء .. تكريما للآباء ..يقول جل جلاله .. وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .. وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .. الإحسان إليهما .. قولًا وعملًا.. الاحسان اليهما بالكلمة الطيبة .. وخفض الصوت.. و الوجه البشوش .. الاحسان اليهما بتحقيق رغبتهما .. بأن تكون من المتفوقين الناجحين .. بأن يسمعا من الناس طيبتك و حسن اخلاقك .. بأن يشهدا طاعتك لله ..و حسن عبادتك و تقواك .. الاحسان اليهما .. بأن تكون لك شخصيتك المميزه .. شخصيتك القوية .. التي لا تلين أمام التقليد و التشبه بأعداء الدين .. يريدان منك لباسا محترما .. و شعرا مهذبا .. و سلوكا طيبا .. وفي ذلك سعادتهما .. و فخرهما .. و عزهما.. و رفعة لهما بين الناس .. اللهـم اهد أبناءنا لخير دنياهم و أخراهم .وحقق رجاءنا في استقامتهم و تقواهم.. واكتبنا وإياهم من عبادك الصالحين.. اللهم اهدي إلى الخير قلوبنا.. واملأ بطاعتك بيوتنا..وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا..واغفرلآبائنا وأمهاتنا..واجعلنا وإياهم من عبادك الصالحين..
اللهم احفظنا من كل بلاء...و سلمنا و أهلنا من كل داء..و يسر أماننا و نجنا من كل وباء ، اللهم واشف مرضانا.. و عاف مبتلانا..وارحم موتانا.. واجعلنا لنعمك من الشاكرين ، ولك من المستغفرين التائبين، برحمتك يا أرحم الراحمين.. يا خالق الخلق أجمعين..يا غافر الذنب عن المذنبين.. يا مجيب السائلين.. نسألك اللهم أن تحفظنا بحفظك المتين.. و تجمعنا وأهلنا في حصنك الحصين.. اللهم واعز الإسلام والمسلمين..وأذل أهل الكفر و المشركين.. واجعل اللهم بلدنا آمنا وسائر بلاد المسلمين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
عباد الله
ان الله يأمر بالعدل والاحسان ..