العام الهجري

الحمد لله الذي أنار الكون بهجرة سيد الانام ..فأكرم بها أهل الايمان ..و أعز بها دين الاسلام .. .. أشهد أن لا اله الا الاله ..وحده لا شريك له .. أجرى الليالي و الايام .. فجعل شهر المحرم ..فاتحة شهور العام .. و أشهد أن سيدنا و حبيبنا محمدا عبده و رسوله ..سيد الانام .. و بدر التمام .. و مسك الختام .. اللهم صل و سلم عليه و على آله البررة الكرام ..وارض اللهم على صحابتهن الائمة الاعلام .. و على من تبعهم باحسن ما تعاقبل النور و الظلام .. أما بعد اخوة الايمان و العقيده
يومان .. و يحل بيننا عام هجري جديد .. أسأل الله أن يجعله عام شفاء و أمان و هناء للجميع .. وحديث المناسبة .. في مطلع كل عام هجري .. يعود بنا الى السيرة العطرة .. لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. لنقف أمام التضحيات الجسام .. من أجل تثبيت أركان هذا الدين .. و نشره بين الناس .. و لنتعلم من ذلك صناعة الامل .. كيف نملأ قلوبنا بمعية الله .. كيف نجسم يقيننا أن الله معنا .. في كل حال من أحوالنا .. ما دمنا على طاعة الله .. رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و صاحبه أبوبكر في الغار .. و كفار قريش يتتبعون أثار أقدامهما .. حتى وصلوا أمام الغار ..و خاف أبوبكر.. خاف على الرسول أن تقتله قريش .. و خاف على الرسالة ..أن تمحى من فوق الارض بموت الرسول صلى الله عليه وسلم .. قال يا رسول الله .. لَوْ أَنّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إلَى قَدَمَيْهِ لَرَآنَا ، فالتفت اليه رسول الله صلى الله عليه و سلم .. وكله يقين بمعية الله .. قال له .. يا ابابكر .. مَا ظَنّك بِاثْنَيْنِ اللّهُ ثَالِثُهُما.. يا ابا بكر .. لَا تَحْزَنْ إِنّ اللّهَ مَعَنَا.. وما هي الا لحظات ..حتى تشرف غار ثور .. بوصول جبر يل عليه السلام .. بقول الله تبارك و تعالى .. إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ .. إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا.. ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ.. إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ .. لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا .. هكذا تكون الثقة بالله .. هكذا يشعر المؤمن .. أن الله معه .. وانه متى كان تقيا .. مخلصا لدينه .. طائعا لأوامر ربه ..فان جميع أموره تقضى بيد الله .. يقول جل جلاله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ.. جاء في الحديث القدسي .. قول ربنا جل و علا .. أَنَا مَعَ عَبْدِي .. مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ .. سيدنا موسى عليه السلام .. قال يا رب.. وددت أنى أعلم من تحب من عبادك.. فأحبه.. قال يا موسى إذا رأيت عبدي يكثر ذكري .. فأنا أذنت له فى ذلك.. وأنا أحبه.. فالعبرة من الهجرة أن نتعلم معية الله ..أن نشعر يقينا ان الله معنا .. وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي .. فَإِنِّي قَرِيبٌ ..أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ.. فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي.. بالطاعة المطلقة .. و بترك المعاصي .. بالتزام الحلال ..و الابتعاد عن الحرام .. ليعيش المؤمن ..هانئا مطمئنا في رحاب الله .. وفي طريق الهجرة .. لحق بالركب المبارك سراقة بن مالك ..طامعا في جائزة قريش .. التي رصدت مائة ناقة لمن ياتي بالرسول حيا او ميتا ..فلما اقترب من الركب .. قال أبوبكر للنبي صلى الله عليه وسلم .. هذا سراقة ابن مالك .. يجد في طلبنا .. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم .. يا ابا بكر .. لَا تَحْزَنْ إِنّ اللّهَ مَعَنَا ..و رفع الحبيب صلى الله عليه وسلم كفيه الى رافع السماء .. قال يا رب اكفنيه .. فساخت قوائم فرس سراقة في الارض .. و سقط الفارس على التراب .. و عاد و ركب ..فغاصت قوائم فرسه في الارض .. فعلم أن الله استجاب دعاء رسوله .. فصاح مستغيثا .. الامان الامان ..فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم ..يا سراقة رد عنا الطلب .. وعاد سراقة .. وكلما لقيه نفر من المفتشين .. قال لهم.. ارجعوا .. لقد كفيتكم .. ما ورائي من احد .. ولا أثر لمحمد في طرق يثرب كلها .. و بفضل من الله .. و باذن من الله .. كان سراقة في اول النهار مجتهدا في البحث عن رسول الله .. ليعيده لقريش و ينال الجائزه .. و امسى في اخر النهار .. حارسا باذن الله .. يرجع الناس حتى لا يلحقوا الاذى برسول الله .. فاتقوا الله عباد الله .. واعملوا صالحا .. واجعلوا الله حاضرا في حياتكم .. كونوا مع الله ..اجعلوا الله معكم .. فكل أمر بيد الله .. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا.. وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ .. اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتِنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ.. واكتبنا مع الصالحين / أقول قولي هذا

الخطبة الثانية :
ان الذي خلق العام ..و قسمه شهورا .. انما هو الله .. جل جلاله.. قال تبارك و تعالى .. إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.. و العام في الاسلام .. عام قمري .. لقوله جل وعلا .. هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ .. ويسمى عام هجري .. نسبة لهجرة النبي صلى الله عليه و سلم .. و بداية العام في الاسلام .. شهر محرم .. فلماذا ارتبط عامنا الهجري .. بهجرة حبيبنا صلى الله عليه وسلم .. مع أن الهجرة تمت في الثاني عشر من شهر ربيع الاول ..أي أن النبي صلى الله عليه وسلم ..ولد و هاجر وانتقل الى الرفيق الاعلى.. في نفس اليوم .. وهو الثاني عشر من ربيع الاول.. فالذي جمع بين ذكرى الهجره ..و رأس السنة .. هو عمر بن الخطاب .. بعث اليه الصحابي أبو موسى الاشعري .. وكان واليا على البصره .. بعث اليه برسالة يقول فيها .. تأتينا منك رسائل ليس لها تأريخ .. فجمع الفاروق عمر رضي الله عنه ..صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال لهم.. نتداول رسائل بدون تاريخ .. فمن أين نبدأ التاريخ ؟ .. وبعد نقاش بين الصحابه .. اتفق الجميع الى نسبة العام .. الى الهجرة النبوية الشريفه .. لأن بالهجرة تأسست دولة الاسلام .. فسمَّوه العام الهجري .. ثم اتفقوا على بدايته من شهر محرم .. فجعلوا شهر ذي الحجة آخر شهور العام.. فبالحج ختم الله أركان الإسلام .. و بشهر ذي الحجة يختتم العام .. فكان شهر محرم .. أول شهور العام و عامنا هجري .. نسبة الى هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم .. من مكة الى المدينة .. اللهم افتح مسامع قلوبنا على طاعتك ..و نور بصائرنا بحسن عبادتك .. اللهم عـمـر قلوبنا بتقواك ..وعمر بيوتنا بعبادتك و نجواك ..واجعلنا نخشاك كأننا نراك .. اللهم اجعل عامنا الجديد عام الايمان و السلامة و الاسلام ..واحفظنا فيه من كل الامراض و الاسقام ..واحفظ بلدنا من كل الفتن و الالام .. اللهم اجعل خير أعمارنا اواخرها ..و خير أعمالنا خواتيمها.. وخير أيامنا يوم نلقاك .. يا رفيع الدرجات ..يا عظيم البركات ..يا بديع الكائنات ..يا مجيب الدعوات .. ندعوك اللهم و نسألك عزة للاسلام و المسلمين .. و ذلا و خذلانا لكل من يعادي هذا الدين .. و أن تحفظ بلدنا بحفظك المتين .. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين عباد الله ان الله يامر بالعدل و الاحسان